هل الازمة المالية العالمية تهدد الديمقراطية؟
منتده المشاكسون :: الأخبار :: الاخبار
صفحة 1 من اصل 1
هل الازمة المالية العالمية تهدد الديمقراطية؟
ما معني ما نقوله بأن العلاقة بين الازمة المالية العالمية وانتشار الديمقراطية في المرحلة » العولمة« هي علاقة ارتباطية وليست علاقة سببية؟ الاجابة عن هذا السؤال محوري للصحة المنهجية للبناء العام لسلسلة المقالات نتبناها. تنقسم العلاقات الارتباطية في الاساس الي اربعة انواع من العلاقات، اولها، علاقة سياقية، ثانيها، علاقة تفسيرية، ثالثها، علاقة تجاوزية، ورابعها، علاقة دلالية. اما العلاقات السببية فهي تأتي في اربع اشكال مختلفة في الاغلب الاعم، اولها، علاقة وقائعية، ثانيها، علاقة بنائية، ثالثها، علاقة احتوائية، ورابعا، علاقة تكوينية. في اطار مناهج السياسات العامة، وخاصة تلك المتصلة بصندوق النقد الدولي، يتم التركيز علي العلاقات الارتباطية السياقية والتفسيرية في بناء النماذج التحليلية لحالات الدول المختلفة، بحيث تبني نماذج السياسات المفضل اتباعها اعتمادا علي ما يحشده النموذج من متغيرات رئيسية او تابعة او متداخلة في سياق اوليات معينة من القيم، هذا وتأخذ طاقتها التفسيرية من قدرتها ونجاحها علي التوقع من حدوث النتائج الايجابية المأمولة. بعبارة اخري، لم يكن هناك في ازمة 1929 منظمات دولية مالية واقتصادية لها قدرة سياسية الدولية الحاكمة تعادل التي نراها في يومنا الان. الامر الذي جعل معظم الدراسات 1929 نحو نحو اكاديمي يركز علي العلاقات السببية اكثر من العلاقات الارتباطية او دراسات قطاعية قامت بها بعض وزارات المالية علي سلوك المضاربين في البورصات بشكل تركز بصورة اكبر علي فنيات الاقتصاد الجزئي، حيث كان منطق الاقتصاد الكلي بالمعني الحديث لا زال يحبو، ولم يتطور بشكل نظري او عملي ناضج الا مع كينز في العشرينيات والثلاثينيات من القرن العشرين. لهذا قلنا انه لا يمكن قياس ما يحدث في الازمة المالية العالمية الان وعلاقتها بالديمقراطية عما حدث في 1929. ربما لهذا ايضا نري الصندوق في دراساته للسياسات العامة للنمو والاصلاح يغير من وصفاته وفق توالي الازمات ومدي عمقها. فصندوق النقد الدولي يتعامل مع علاقات ارتباطية وليس مع علاقات سببية من اي نوع. الامر الذي ابرز وصدر لنا نموذجا مثيرا للدهشة، الا وهو انه في كثير من الاحيان تتطور حاله الديمقراطية نتيجة للنتائج السلبية لوصفات صندوق النقد الدولي وليس تدعيما لها. ويرجع هذا الي ان معظم نماذج النمو الاقتصادي او الاصلاح التي يعتمدها صندوق النقد لا تفهم من متغيرات الديمقراطية الا متغيرين او ثلاثة مثل الشفافية وصدق الحسابات العامة وخلق بيئة تشريعية وتنفيذية صديقة لرجال الاعمال. اما غير ذلك من ممارسات مرتبطة بالاختيار العام او اصلاح نظام التمثيل النيابي فهذه كلها ليست في صدر اهتمامه او تأتي في اهتمامه فقط عندما يكون لها تأثير ايجابي علي بيئة رجال الاعمال. بعبارة موجزة ومؤلمة ان السياسات العامة للصندوق من الارجح ان تسير في تناقض السياسات العامة لتنمية الديمقراطية. هذه حالة العلاقة الارتباطية التجاوزية والتي تقول بان هناك متغيرين يحاول كل منهما تجاوز الاخر في التأثير والتي لا نراها كثيرا في اوراق وتحليلات صندوق النقد الدولي.
وحالة الازمة الاسيوية أكبر مثال. فالصندوق ظل طول التسعينيات تضرب المثال بحال البلدان الاسيوية التي اتبعت طريقة باعتبارها معجزة اقتصادية باهرة، حتي انتهي الامر بازمة الاقتصاديات الاسيوية وانهيار بورصاتها في 1998. الامر الذي استدعي من الصندوق ان يغير من وصفاته وكأنه يجرب في الامم والبلدان. ويمكن تلخيص الازمة المالية الاسيوية في ان تحرير سوق المال الذي قال به توافق واشنطون رفع من قيمة العملات الاسيوية مما أدي الي مفارقة عدم دعم الادارة الجديدة وعجز للحسابات الجارية. وصار الامر وكأنة كلما دفع الصندوق هذه البلدان الي تطبيق سياسات التقشف بهدف استعادة الثقة بالاسواق، كلما وقع الاقتصاد في كساد ودارت بشكل اكبر عجلة هجرة الاموال وهروب رجال الاعمال الي الخارج. ويلاحظ انه في هذه الاوقات تحركت العملية الديمقراطية للتعبير عن الغضب من فشل هذه السياسات، مما صعب علي النخب الاسيوية الملتزمة بتوافق واشنطون تنفيذ تعهداتها مع وزارة الخزانة الامريكية. الامر الغريب انه خلال الازمة قام صندوق النقد غير واع بمدي عمق الازمة، وانها في الحقيقة متصلة بشكل مباشر اخطاء في توصيف متغيرات النماذج السياقية والتفسيرية للاصلاح المالي والاقتصادي، بفرض تحرير سوق المال علي كل من كوريا الجنوبية وتايلاند. الامر الذي دفع الي ظاهرة اكثر خطورة وهي ظاهرة الافلاس وغلق الاسواق القومية في وجه التجارة العالمية، وتفضيل التجارة الوطنية. وهذا لم يدفع كما حدث في 1929 الي بزوغ فاشيات، ولكن الي اضطرابات ديمقراطية بشكل واسع ودعوة للاصلاح الديمقراطي. ولكن النموذج الذي يسير خارج السرب هو الصين حيث يلاحظ تجربة خاصة في تحرير سوق المال مع فرض حزم عالمي علي العملية السياسية. وخرجت البلدان الاسيوية من الازمة نتيجة اتباعها سياسات التحكم في اسواق المال الذي اضحي جزءا من التعديل الثالث لتوافق واشنطون. ثار التساؤل حول مدي تأثير هذا التعديل الثالث علي التطور والانفتاح الديمقراطي، وخاصة ان مصر التحقت بتوافق واشنطون وخاصة في ضوء تعديله الثالث؟ وهذا موضوع المقال القادم.
وحالة الازمة الاسيوية أكبر مثال. فالصندوق ظل طول التسعينيات تضرب المثال بحال البلدان الاسيوية التي اتبعت طريقة باعتبارها معجزة اقتصادية باهرة، حتي انتهي الامر بازمة الاقتصاديات الاسيوية وانهيار بورصاتها في 1998. الامر الذي استدعي من الصندوق ان يغير من وصفاته وكأنه يجرب في الامم والبلدان. ويمكن تلخيص الازمة المالية الاسيوية في ان تحرير سوق المال الذي قال به توافق واشنطون رفع من قيمة العملات الاسيوية مما أدي الي مفارقة عدم دعم الادارة الجديدة وعجز للحسابات الجارية. وصار الامر وكأنة كلما دفع الصندوق هذه البلدان الي تطبيق سياسات التقشف بهدف استعادة الثقة بالاسواق، كلما وقع الاقتصاد في كساد ودارت بشكل اكبر عجلة هجرة الاموال وهروب رجال الاعمال الي الخارج. ويلاحظ انه في هذه الاوقات تحركت العملية الديمقراطية للتعبير عن الغضب من فشل هذه السياسات، مما صعب علي النخب الاسيوية الملتزمة بتوافق واشنطون تنفيذ تعهداتها مع وزارة الخزانة الامريكية. الامر الغريب انه خلال الازمة قام صندوق النقد غير واع بمدي عمق الازمة، وانها في الحقيقة متصلة بشكل مباشر اخطاء في توصيف متغيرات النماذج السياقية والتفسيرية للاصلاح المالي والاقتصادي، بفرض تحرير سوق المال علي كل من كوريا الجنوبية وتايلاند. الامر الذي دفع الي ظاهرة اكثر خطورة وهي ظاهرة الافلاس وغلق الاسواق القومية في وجه التجارة العالمية، وتفضيل التجارة الوطنية. وهذا لم يدفع كما حدث في 1929 الي بزوغ فاشيات، ولكن الي اضطرابات ديمقراطية بشكل واسع ودعوة للاصلاح الديمقراطي. ولكن النموذج الذي يسير خارج السرب هو الصين حيث يلاحظ تجربة خاصة في تحرير سوق المال مع فرض حزم عالمي علي العملية السياسية. وخرجت البلدان الاسيوية من الازمة نتيجة اتباعها سياسات التحكم في اسواق المال الذي اضحي جزءا من التعديل الثالث لتوافق واشنطون. ثار التساؤل حول مدي تأثير هذا التعديل الثالث علي التطور والانفتاح الديمقراطي، وخاصة ان مصر التحقت بتوافق واشنطون وخاصة في ضوء تعديله الثالث؟ وهذا موضوع المقال القادم.
reem- مدير أعمال رئيس مجلس الاداره
- عدد الرسائل : 414
العمر : 43
تاريخ التسجيل : 01/11/2008
مواضيع مماثلة
» خسائر فادحة للأسواق الناشئة بسبب الأزمة المالية العالمية
» الأزمة العالمية والصگوك الشعبية أمام اجتماع أمانة الوطني
» الأزمة العالمية والصگوك الشعبية أمام اجتماع أمانة الوطني
منتده المشاكسون :: الأخبار :: الاخبار
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى